--------------------------------------------------------------------------------
الحب وما أدراك ما الحب ....
إنه الشيء الذي ظل وسيظل يشغل حياة الناس دائما
الشيء الذي يتغنى به الشعراء ويؤلفون فيه القصائد ...ويشدوا به المغنيين والمطربين ....
الكثير من الأدباء والشعراء والمؤلفين تكلموا وتحدثوا بل وألفوا ملاحم عن الحب ، ولكننا هنا لسنا بهذا الصدد ...فنحن سنترك كل هؤلاء ونذهب إلى محراب آخر ...محراب العلم ... العلم الذي يأبى إلا أن يثبت لنا دائما أن كل شيء له قواعده وله أسبابه المادية .... بعيد عن المشاعر وعن المعنويات وعن الأشياء التي لا نستطيع لمسها ولكننا نؤمن بوجودها ....
ماذا يقول العلم الحديث عن الحب .... وبماذا يعلل إصابة الإنسان بــ..... بمرض الحب ....
اللي طويل روح ويحب المعرفة ما عليه إلا أن يقرأ الموضوع ليكتشف إنه راح يخرج بشيء جديد ، قد لا يتفق معه ولكنه موجود فعلا ...وفي النهاية هو رأي علماء ....
عندما تكتب شعرا في حبيبتك فأنت مصاب بخلل في الهرمونات ....
وعندما تطلب يدها فأنت تعاني من اضطراب في صفائحك ..
وعندما تفقد رغبتك فيها فأذهب إلى مصلحة الكيمياء ...
ما مصدر كل هذا الكلام
فلنذهب إلى ما قالته طبيبة ايطالية منذ عام تقريبا اسمها دوناتيلا مارازيتي ...التي أكدت أن كل ما قلناه وما عرفناه عن الحب حتى الآن ليس إلا مجرد نقطة صغيرة في لوحة موازييك ضخمة ... الدكتورة دوناتيلا قالت ذلك لإنها شعرت بالخطر نتيجة تزايد الاكتشافات الطبية التي قد يساء فهمها وهي الاكتشافات التي بدأت ترجح كفة الذين يؤمنون بأن الحب الرومانسي الذي يستند إلى المشاعر والعاطفة والحنين لا وجود له في الواقع أو الحقيقة وإنما الحب أصلاً ليس إلا عملية كيمائية ...
ومن أهم الذين تبنوا هذا التفسير الكيميائي للحب الدكتورة هيلين فيشر الأستاذة بجامعة روتجرز في نيويورك ..فقد قالت إن الرجل يعرف حالياً ثلاثة أنواع من الحب واصبح الطب الآن يملك تفسيراً واضحاً لأي حب منها ...
فالنوع الأول الذي يكاد يكون في حقيقته مجرد اشتهاء أو رغبة في ممارسة الجنس هو أصلا نتيجة زيادة أو انفجار في معدلات هرمون التيستيرون في الدم....
أما الحب الرومانسي فهو ليس إلى نتيجة خلل مفاجيء في المعدلات الطبيعية لتركيز ثلاث مواد في الدم هم السيروتونين ، والدوبامين ، و النورايبيفرين ...والرجل حين يعيش حالة حب ويكاد يذوب من فرط الرومانسية والشجن هو في حقيقته مريض مصاب بخلل في معدلات الهرمونات ..ووجعه الحقيقي في دمائه وليس في قلبه ...وعلاجه الحقيقي في معامل التحليل وليس لقاء من يحب ...
أما النوع الثالث وهو الحب الهاديء الذي يدوم ويبقى لسنوات طويلة فهو مجرد زيادة في إفراز هرمون اسمه أوكسي توسين ..
هذا ما قالته الدكتورة هيلين فيشر ...أما أطباء جامعة بيزا الإيطالية ...فقالوا إن الوقوع في الحب هو في حقيقته مجرد خلل عصبي وكيميائي نتيجة اضطرابات تحدث في الصفائح الدموية التي نعرف حتى الآن إنها المسئولة عن تجلط الدم ووقف نزيف الجروح ..ولكننا بدأنا نشك في إنها أيضاً تقود مشاعرنا وتتسبب في وقوعنا في الحب ....
وأنتهى هؤلاء الأطباء إلى أن عشاق العالم ما هم إلا بشر عندهم مشكلة حقيقية في الصفائح الدموية ..ومن إيطاليا إلى الولايات المتحدة ...حيث أعلن منذ عام أيضاً الدكتور جيمس فاللون أستاذ علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا أن الطب أخيرا أحال كيوبيد – آلهة الحب في الأساطير- إلى التقاعد ..وأن الحب لم يعد لغزاً ..وكل الأحاسيس والمشاعر والأوهام التي يستسلم لها الرجل والمرأة ليست إلا نتيجة تفاعلات كيمائية ...
وإن خليطا صحيحا ومضبوطا من هذه المواد الكيميائية بإمكانه أن يجعلك تقع في الحب أو تشعر بإثارة عاطفية أو جنسية ...ولم يكن الدكتور فاللون مثل كتاب العاطفية المعروفين أو مثل ممن يدعون العلم والمعرفة بشئون الحب وأحواله دون سند أو حقائق علمية لمجرد شد الانتباه ...وإنما كان ولا يزال الرجل يتكلم استنادا إلى حقائق عديدة واكتشافات كثيرة جديدة ...فعلى سبيل المثال هناك مادة اسمها الدوبامين .. هذه المادة هي أقوى دافع ومحرك في المخ ..مادة ضرورية لأن ننجذب لأي شخص رأيناه وأحسسنا أننا نود لو أقتربنا منه أكثر .. وهو ما يعني بلغة الشعراء الوقوع في الحب ...
وبالمناسبة فالدوبامين – وليس الحب – هو المسئول عن خفقان القلب واتساع حدقة العين والعرق الخفيف الذي قد يراه البعض خطأ على أنه خجل أو حياء في حضرة من نحب ...واختصر أحد أطباء علم الأعصاب في جامعة لندن الحكاية كلها مؤكدا أن الطب أصبح بإمكانه زيادة أو تقليل درجة قابليتنا للوقوع في الحب
.......ما يخلص إليه أن هناك أكثر من معنى ودلالة لهذا الأمر ، وهو أن العالم بدا يسترد توزانه وعقله ويعود إلى رشده القديم بعد أن قضى قرابة الثمانية قرون أسيرً لوهم أسمه الحب ...
ففي حقيقة الأمر ليس هناك شيء أسمه الحب وعلى عينك يا فريد ...
شو فيكم تعصبوا .... هؤلاء الغربيين أنفسهم يحكوا واللي صدروا لنا الحب اللي نشوفه هذه الأيام ... وأعتقد هم أدرى منا بحبهم المنيل اللي صدروه لنا منذ الحروب الصليبية ... اصبروا واقرءوا ....
...دعك من كل الأغاني أو قصائد الشعر التي تعرفها أو تسمعها ...واستمتع بأفلام السينما ولكن أنس مشاهدها العاطفية فور انتهاء الفيلم ...فالحب الذي غنى له عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد منير والحجار وحتى عمرو دياب او محمد فؤاد ..لا وجود له ..وهذا الحب ليس إلا اختراعاً عرفه العالم كما يؤكد ذلك دينيس دي روجيمون في كتابه بعنوان الحب في الغرب في القرن الثاني عشر ...
ماذا يقول الكاتب الكبير في كتابه عن حقيقة الحب وكيف ظهر في العالم الغربي
الحقيقة أن الكلام كثير ويطول ، ويتحدث بأمور تاريخية اكثركم سيمل ان يواصل سطرين فيها برغم اهميتها ، تحدث فيها عن أن الحب بدا في النشوء منذ الحروب الصليبية عندما كان وقتها الناس يفتشون عن مشاعر تفيض بالبراءة لا تصطدم بدينهم ولا تجلب عليهم العار والفضيحة ...فكانت البداية في العودة لحب السيدة العذراء ....
ولكن هناك كاتب آخر شهير وكبير يتفق مع الكاتب دي روجيمون ويعرض الأمر بشكل اكثر اهتماما حيث قال هذا الكاتب الشهير والكبير واسمه أندريه موروا مؤكداً أن الحروب الصليبية لم تقتصر آثارها على ذلك فقط ..وإنما أدت إلى غياب كثير من الرجال عن بيوتهم وزوجاتهم ..فبدأت الزوجات ينشغلن بقراءة القصص الطويلة عن الحب والعلاقات الغرامية وإلى جانب القصص أكتشفت الزوجات مدى روعة ورقة مشاعر الود التي يمكن أن يقدمها الأتباع والخدم الذين لم يذهبوا إلى الحرب ...
ولم يملكوا من القدرة أو الجرأة ما يجعلهم قادرين على اصطحاب زوجات أسيادهم إلى الفراش ..فأكتفى الجميع بالكلام الناعم الرقيق ... والنظرات التي تذوب فيها المشاعر من الود المصحوب بالخجل ( أي خجل الله يرجهم بس ) بالإضافة إلى أن هؤلاء المحاربين العائدين من الشرق عادوا بزهد عظيم في القوة والمغامرة والعنف .. كانوا يحتاجون فقط إلى انسانيتهم ,و إلى حياة يشوبها رقة الهدوء وليست رائحة البارود .
وساعد ذلك كله على تهيئة الأجواء أمام اختراع اسمه الحب لينمو ويكبر وينال شهادات اعتماده في قلوب الكثيرين والكثيرات ...واصبح هذا الاختراع أيضا بمثابة بروفة للحب بشكله النهائي والذي سيعرفه العالم بعد قليل ... بالتحديد بعد نهضة أوروبا حين يجري تأصيل الرومانسية وترسيخها في عقول ووجدان الجميع ...فتنقلت أوروبا من الحب في عصر الفرسان في القرن السابع عشر ، إلى الحب الباعث إلى الفضيلة في القرن الثامن عشر ، إلى حب القرن التاسع عشر الذي بدأ يجمع ما بين الرومانسية و الواقعية في إناء واحد أو في قالب واحد وتحت لواء كلمة واحدة إسمها الحب ...
ومن ناحية أخرى أكد الباحث الاجتماعي الشهير ثيودور رايك أ، الحب ليس غريزة تولد مع الإنسان ..وأن الإنسان لا يشعر بالحاجة إلى الحب من تلقاء نفسه أو بمحض الصدفة ..بل إن الحب في حقيقته كان نتاج حضارات كثيرة توالت وتعاقبت حتى اكتسب الحب شكله الحالي وقيمته ومعناه بل وضرورته أيضاً .....
وعاش العالم كل هذه السنوات أو القرون مستسلما للحب ومعترفاً به وإن لم يفهم أسراره أي أحد حتى بدأ العالم نفسه في القرن العشرين يعيد مراجعة أمور كثيرة ....
دعوة أخرى أطلقها مفكر آخر هو إريك فروم ...والذي تحول بدوره إلى أحد أساتذة العالم في الحب ..وأكد فروم أنه من المستحيل التعامل مع الحب بشكل مطق او عام .. وإنما تغدو كل حكاية حب حالة خاصة ترتبط ملامحها ومعانيها بشخصية صاحبها ...ترتبط كل حكاية حب أيضاً بالأحول الاقتصادية والاجتماعية في الدولة التي تجري وقائع تلك الحكاية فيها ..أما الذي يمكن أن تتشابه فيه كل قصص الحب على اختلاف جنسياتها ومواقعها وأصحابها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية فهي –على حد تعبير فروم – أربع أساسيات ..هي العناية والإهتمام بإنسان آخر ....
الإحساس بالمسئولية عن هذا الإنسان ....
إحترام مشاعر ورغبات هذا الإنسان ...
وأخيراً أن تعرف تماماً هذا الإنسان وتعرف تفاصيله وابعاده واسراره ونواياه وأحلامه ...هذه هي الأساسيات التي أكد فروم على ضرورة وجودها لتكتمل وتعيش أية قصة حب ...أما معاني ومفاهيم تلك الأساسيات فهي التي تختلف من شخص لآخر....ومن مجتمع لآخر ....
كان هذا هو بعض جدل كثير وطويل عاشه العالم حول الحب ..قبل أن يأتي الأطباء منذ أشهر قليلة ويقدمون لنا شهاداتهم وكلمتهم ...
ويؤكدون أن كل ما نعرفه عن الحب يحتاج إلى مراجعة وتصحيح ... بل وأننا في طريقنا لأن نحيل الحب نفسه إلى التقاعد ليدخل متاحف التاريخ وصناديق الذكريات بعد ان ثبت أنه مجرد تفاعلات كيميائية وان الحب كما نغني له ونتخيله ونمارسه مجرد ...وهم لا وجود له في الواقع أو الحقيقة .....
الحب وما أدراك ما الحب ....
إنه الشيء الذي ظل وسيظل يشغل حياة الناس دائما
الشيء الذي يتغنى به الشعراء ويؤلفون فيه القصائد ...ويشدوا به المغنيين والمطربين ....
الكثير من الأدباء والشعراء والمؤلفين تكلموا وتحدثوا بل وألفوا ملاحم عن الحب ، ولكننا هنا لسنا بهذا الصدد ...فنحن سنترك كل هؤلاء ونذهب إلى محراب آخر ...محراب العلم ... العلم الذي يأبى إلا أن يثبت لنا دائما أن كل شيء له قواعده وله أسبابه المادية .... بعيد عن المشاعر وعن المعنويات وعن الأشياء التي لا نستطيع لمسها ولكننا نؤمن بوجودها ....
ماذا يقول العلم الحديث عن الحب .... وبماذا يعلل إصابة الإنسان بــ..... بمرض الحب ....
اللي طويل روح ويحب المعرفة ما عليه إلا أن يقرأ الموضوع ليكتشف إنه راح يخرج بشيء جديد ، قد لا يتفق معه ولكنه موجود فعلا ...وفي النهاية هو رأي علماء ....
عندما تكتب شعرا في حبيبتك فأنت مصاب بخلل في الهرمونات ....
وعندما تطلب يدها فأنت تعاني من اضطراب في صفائحك ..
وعندما تفقد رغبتك فيها فأذهب إلى مصلحة الكيمياء ...
ما مصدر كل هذا الكلام
فلنذهب إلى ما قالته طبيبة ايطالية منذ عام تقريبا اسمها دوناتيلا مارازيتي ...التي أكدت أن كل ما قلناه وما عرفناه عن الحب حتى الآن ليس إلا مجرد نقطة صغيرة في لوحة موازييك ضخمة ... الدكتورة دوناتيلا قالت ذلك لإنها شعرت بالخطر نتيجة تزايد الاكتشافات الطبية التي قد يساء فهمها وهي الاكتشافات التي بدأت ترجح كفة الذين يؤمنون بأن الحب الرومانسي الذي يستند إلى المشاعر والعاطفة والحنين لا وجود له في الواقع أو الحقيقة وإنما الحب أصلاً ليس إلا عملية كيمائية ...
ومن أهم الذين تبنوا هذا التفسير الكيميائي للحب الدكتورة هيلين فيشر الأستاذة بجامعة روتجرز في نيويورك ..فقد قالت إن الرجل يعرف حالياً ثلاثة أنواع من الحب واصبح الطب الآن يملك تفسيراً واضحاً لأي حب منها ...
فالنوع الأول الذي يكاد يكون في حقيقته مجرد اشتهاء أو رغبة في ممارسة الجنس هو أصلا نتيجة زيادة أو انفجار في معدلات هرمون التيستيرون في الدم....
أما الحب الرومانسي فهو ليس إلى نتيجة خلل مفاجيء في المعدلات الطبيعية لتركيز ثلاث مواد في الدم هم السيروتونين ، والدوبامين ، و النورايبيفرين ...والرجل حين يعيش حالة حب ويكاد يذوب من فرط الرومانسية والشجن هو في حقيقته مريض مصاب بخلل في معدلات الهرمونات ..ووجعه الحقيقي في دمائه وليس في قلبه ...وعلاجه الحقيقي في معامل التحليل وليس لقاء من يحب ...
أما النوع الثالث وهو الحب الهاديء الذي يدوم ويبقى لسنوات طويلة فهو مجرد زيادة في إفراز هرمون اسمه أوكسي توسين ..
هذا ما قالته الدكتورة هيلين فيشر ...أما أطباء جامعة بيزا الإيطالية ...فقالوا إن الوقوع في الحب هو في حقيقته مجرد خلل عصبي وكيميائي نتيجة اضطرابات تحدث في الصفائح الدموية التي نعرف حتى الآن إنها المسئولة عن تجلط الدم ووقف نزيف الجروح ..ولكننا بدأنا نشك في إنها أيضاً تقود مشاعرنا وتتسبب في وقوعنا في الحب ....
وأنتهى هؤلاء الأطباء إلى أن عشاق العالم ما هم إلا بشر عندهم مشكلة حقيقية في الصفائح الدموية ..ومن إيطاليا إلى الولايات المتحدة ...حيث أعلن منذ عام أيضاً الدكتور جيمس فاللون أستاذ علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا أن الطب أخيرا أحال كيوبيد – آلهة الحب في الأساطير- إلى التقاعد ..وأن الحب لم يعد لغزاً ..وكل الأحاسيس والمشاعر والأوهام التي يستسلم لها الرجل والمرأة ليست إلا نتيجة تفاعلات كيمائية ...
وإن خليطا صحيحا ومضبوطا من هذه المواد الكيميائية بإمكانه أن يجعلك تقع في الحب أو تشعر بإثارة عاطفية أو جنسية ...ولم يكن الدكتور فاللون مثل كتاب العاطفية المعروفين أو مثل ممن يدعون العلم والمعرفة بشئون الحب وأحواله دون سند أو حقائق علمية لمجرد شد الانتباه ...وإنما كان ولا يزال الرجل يتكلم استنادا إلى حقائق عديدة واكتشافات كثيرة جديدة ...فعلى سبيل المثال هناك مادة اسمها الدوبامين .. هذه المادة هي أقوى دافع ومحرك في المخ ..مادة ضرورية لأن ننجذب لأي شخص رأيناه وأحسسنا أننا نود لو أقتربنا منه أكثر .. وهو ما يعني بلغة الشعراء الوقوع في الحب ...
وبالمناسبة فالدوبامين – وليس الحب – هو المسئول عن خفقان القلب واتساع حدقة العين والعرق الخفيف الذي قد يراه البعض خطأ على أنه خجل أو حياء في حضرة من نحب ...واختصر أحد أطباء علم الأعصاب في جامعة لندن الحكاية كلها مؤكدا أن الطب أصبح بإمكانه زيادة أو تقليل درجة قابليتنا للوقوع في الحب
.......ما يخلص إليه أن هناك أكثر من معنى ودلالة لهذا الأمر ، وهو أن العالم بدا يسترد توزانه وعقله ويعود إلى رشده القديم بعد أن قضى قرابة الثمانية قرون أسيرً لوهم أسمه الحب ...
ففي حقيقة الأمر ليس هناك شيء أسمه الحب وعلى عينك يا فريد ...
شو فيكم تعصبوا .... هؤلاء الغربيين أنفسهم يحكوا واللي صدروا لنا الحب اللي نشوفه هذه الأيام ... وأعتقد هم أدرى منا بحبهم المنيل اللي صدروه لنا منذ الحروب الصليبية ... اصبروا واقرءوا ....
...دعك من كل الأغاني أو قصائد الشعر التي تعرفها أو تسمعها ...واستمتع بأفلام السينما ولكن أنس مشاهدها العاطفية فور انتهاء الفيلم ...فالحب الذي غنى له عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد منير والحجار وحتى عمرو دياب او محمد فؤاد ..لا وجود له ..وهذا الحب ليس إلا اختراعاً عرفه العالم كما يؤكد ذلك دينيس دي روجيمون في كتابه بعنوان الحب في الغرب في القرن الثاني عشر ...
ماذا يقول الكاتب الكبير في كتابه عن حقيقة الحب وكيف ظهر في العالم الغربي
الحقيقة أن الكلام كثير ويطول ، ويتحدث بأمور تاريخية اكثركم سيمل ان يواصل سطرين فيها برغم اهميتها ، تحدث فيها عن أن الحب بدا في النشوء منذ الحروب الصليبية عندما كان وقتها الناس يفتشون عن مشاعر تفيض بالبراءة لا تصطدم بدينهم ولا تجلب عليهم العار والفضيحة ...فكانت البداية في العودة لحب السيدة العذراء ....
ولكن هناك كاتب آخر شهير وكبير يتفق مع الكاتب دي روجيمون ويعرض الأمر بشكل اكثر اهتماما حيث قال هذا الكاتب الشهير والكبير واسمه أندريه موروا مؤكداً أن الحروب الصليبية لم تقتصر آثارها على ذلك فقط ..وإنما أدت إلى غياب كثير من الرجال عن بيوتهم وزوجاتهم ..فبدأت الزوجات ينشغلن بقراءة القصص الطويلة عن الحب والعلاقات الغرامية وإلى جانب القصص أكتشفت الزوجات مدى روعة ورقة مشاعر الود التي يمكن أن يقدمها الأتباع والخدم الذين لم يذهبوا إلى الحرب ...
ولم يملكوا من القدرة أو الجرأة ما يجعلهم قادرين على اصطحاب زوجات أسيادهم إلى الفراش ..فأكتفى الجميع بالكلام الناعم الرقيق ... والنظرات التي تذوب فيها المشاعر من الود المصحوب بالخجل ( أي خجل الله يرجهم بس ) بالإضافة إلى أن هؤلاء المحاربين العائدين من الشرق عادوا بزهد عظيم في القوة والمغامرة والعنف .. كانوا يحتاجون فقط إلى انسانيتهم ,و إلى حياة يشوبها رقة الهدوء وليست رائحة البارود .
وساعد ذلك كله على تهيئة الأجواء أمام اختراع اسمه الحب لينمو ويكبر وينال شهادات اعتماده في قلوب الكثيرين والكثيرات ...واصبح هذا الاختراع أيضا بمثابة بروفة للحب بشكله النهائي والذي سيعرفه العالم بعد قليل ... بالتحديد بعد نهضة أوروبا حين يجري تأصيل الرومانسية وترسيخها في عقول ووجدان الجميع ...فتنقلت أوروبا من الحب في عصر الفرسان في القرن السابع عشر ، إلى الحب الباعث إلى الفضيلة في القرن الثامن عشر ، إلى حب القرن التاسع عشر الذي بدأ يجمع ما بين الرومانسية و الواقعية في إناء واحد أو في قالب واحد وتحت لواء كلمة واحدة إسمها الحب ...
ومن ناحية أخرى أكد الباحث الاجتماعي الشهير ثيودور رايك أ، الحب ليس غريزة تولد مع الإنسان ..وأن الإنسان لا يشعر بالحاجة إلى الحب من تلقاء نفسه أو بمحض الصدفة ..بل إن الحب في حقيقته كان نتاج حضارات كثيرة توالت وتعاقبت حتى اكتسب الحب شكله الحالي وقيمته ومعناه بل وضرورته أيضاً .....
وعاش العالم كل هذه السنوات أو القرون مستسلما للحب ومعترفاً به وإن لم يفهم أسراره أي أحد حتى بدأ العالم نفسه في القرن العشرين يعيد مراجعة أمور كثيرة ....
دعوة أخرى أطلقها مفكر آخر هو إريك فروم ...والذي تحول بدوره إلى أحد أساتذة العالم في الحب ..وأكد فروم أنه من المستحيل التعامل مع الحب بشكل مطق او عام .. وإنما تغدو كل حكاية حب حالة خاصة ترتبط ملامحها ومعانيها بشخصية صاحبها ...ترتبط كل حكاية حب أيضاً بالأحول الاقتصادية والاجتماعية في الدولة التي تجري وقائع تلك الحكاية فيها ..أما الذي يمكن أن تتشابه فيه كل قصص الحب على اختلاف جنسياتها ومواقعها وأصحابها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية فهي –على حد تعبير فروم – أربع أساسيات ..هي العناية والإهتمام بإنسان آخر ....
الإحساس بالمسئولية عن هذا الإنسان ....
إحترام مشاعر ورغبات هذا الإنسان ...
وأخيراً أن تعرف تماماً هذا الإنسان وتعرف تفاصيله وابعاده واسراره ونواياه وأحلامه ...هذه هي الأساسيات التي أكد فروم على ضرورة وجودها لتكتمل وتعيش أية قصة حب ...أما معاني ومفاهيم تلك الأساسيات فهي التي تختلف من شخص لآخر....ومن مجتمع لآخر ....
كان هذا هو بعض جدل كثير وطويل عاشه العالم حول الحب ..قبل أن يأتي الأطباء منذ أشهر قليلة ويقدمون لنا شهاداتهم وكلمتهم ...
ويؤكدون أن كل ما نعرفه عن الحب يحتاج إلى مراجعة وتصحيح ... بل وأننا في طريقنا لأن نحيل الحب نفسه إلى التقاعد ليدخل متاحف التاريخ وصناديق الذكريات بعد ان ثبت أنه مجرد تفاعلات كيميائية وان الحب كما نغني له ونتخيله ونمارسه مجرد ...وهم لا وجود له في الواقع أو الحقيقة .....